كيف تخدعنا “جوجل”؟
يُلخص شعار “جوجل” الرسمي، حتى فترة وجيزة خلت، بعبارة “لا تكن شريرا”. وهي عبارة أسّس لها مهندسا “جوجل”، بول باشيت، وعميت باتيل، في اجتماع لعصف الأدمغة للشركة عام 2002.
ووصف باشيت، وهو مبتكر منصة البريد الإلكتروني الخاصة بالشركة Gmail، الاجتماع، للمؤلفة جسيكا لفينغستون، على النحو التالي:
“لقد خطر لي… أن عبارة ’لا تكن شرّيرا’ مثيرة للضحك. إنها، أيضًا، ضربة لكثير من الشركات الأخرى، وخاصة المنافسة لنا، التي كانت في ذلك الوقت، من وجهة نظرنا، تستغل المستخدمين إلى حد ما”.
ولسخرية القدر، فإن أشخاصا كُثرا اليوم، يوجّهون هذه التهمة تحديدا، لنهج عملاق التكنولوجيا، ما يستدعي سؤالا جديا: هل تحولت “جوجل” إلى الشيء الذي تعهدت ألا تتحول إليه أبدًا؟
تتمثل مهمة الشركة بـ”تنظيم المعلومات في العالم، وجعلها مفيدة وفي متناول الجميع”.
وما بدأ كمحرك بحث متواضع، أصبح اليوم مزودًا ربحيا لـ”البرمجيات كخدمة”، ومورّدَ خرائط ورائدًا في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن الواضح أن “جوجل” تستحق قدرا هائلا من الثناء والتقدير والامتنان لمساهماتها العديدة في العالم، لكن كثيرين يدّعون اليوم أن عملاقة التكنولوجيا، أصبحت جشعة وغير موثوق بها، إضافة إلى كونها “فائقة القوة”.
عقلية الربح والخسارة لدى “جوجل”
يمتلئ التاريخ بالشركات والزعماء والسياسيين، الذين تبنوا عقلية “الربح والخسارة” أثناء صعود نجمهم في جميع أنحاء العالم. لكننا وصلنا اليوم إلى مرحلة غير مسبوقة في هذا الصدد، فـ”جوجل” تدير احتكارا يؤثر على كيفية حصول نحو 7.7 مليار إنسان حول العالم على المعلومات وكيفية تفاعلهم معها؛ وذلك ينطبق على المعلومات التي تدفعهم لاتخاذ قرارات في غاية الأهمية، أو التي تحثهم على اتخاذ قرارات عديمة الأهمية، على حد سواء.
صحيح أن هناك محركات بحث أخرى موجودة، مثل “ياهوو”، و”داكداكغو”، و”بينغ”، لكن “جوجل” تستحوذ على 93 بالمئة من سوق محركات البحث حول العالم. ورغم تواجد “فيسبوك”، فإن الشركة تسيطر على نحو 85 بالمئة من مجمل الدعايات على الإنترنت
ويزداد اليوم التفحص من الشركة العملاقة، بسبب مجموعة من الأمور، كاحتكارية الشركة، والقلق العام المتنامي حول جمع البيانات الشخصية، وتعاظم وجود “جوجل” في كل مناحي حياة البشر اليومية.
وكمؤسس ومدير شركة “آريفس” (Ahrefs) التنفيذي (وهي عبارة عن منصة توفر مجموعة أدوات لتحسين محركات البحث)، أقضي وقتا طويلا في التفكير في كيفية تحسين الإنترنت للمؤلفين ورجال الأعمال والمُصنعين. وكشخص في هذا المجال، أشعر بقلق شديد إزاء تزايد قرارات “جوجل” المتعلقة بمبتكري المحتوى، والتي تنبع من منطق “الربح والخسارة” فقط.
ويشمل أحد هذه القرارات ميزة تُدعى “القصاصات البارزة” (Featured Snippets)، وهي عبارة عن نتائج بحث مختارة، تُعرض فوق النتائج الأصلية وأسفل الدعايات، وتُظهر محتوى محدودا (تقنية استخلاص المواقع) من ذلك الخاص بالمواقع المختلفة. وتحاول هذه القصاصات الإجابة، على الفور، عن استفسارات البحث